الملائكة لا تعتذر

]ان معظم الخصومات والاصرار عليها ينبع من عدم تنازل الطرفين عن موقفه والمبادرة بالاعتذار، فكل ابن ادم خطاء ، واذ لم تخطئ فانت ملك ومرفوع عنك الاعتذار، لان الملائكة لا تعتذر. "انا اسف ... سامحني لم اقصد" ، كم هذه الكلمات لها وقع السحر فى امتصاص الغضب ... كم تحمي قلاع العلاقات الطيبة من الانهيار، فهي كالسياج الواقي من عواصف سوء التفاهم . ولكن من يجب ان يقول هذه الكلمات ويكون مبادر بها... هل يجب ان يقولها المخطئ فقط!!! ... أخي قلها ولا تردد سواء ان كنت مخطئ او غير مخطئ... "كيف اقولها وانا غير مخطئ" هذا ما تميل اليه نفوس الكثيرين منا الا من عصم ربك. اخي قلها وان كنت غير مخطئ درءا لما يعقب سوء التفاهم من خصومات ،وحماية للود والاخوة وصدا للانقسامات . اخي انا اسف ... سامحني ، اقولها لك لاني احبك، اقولها لاني اريد ان يستمر الود الذي بيننا،أقولها لاني اذكر الله عندما اراك، اقولها لاني لا اريد ان اراك تتواري مني حتى لا اراك، اقولها حتى ترد على السلام. الكل منا يعرف حديث رسول الله عن الغضب و فضل من يملك نفسه عند الغضب. فسارع اخي باطفاء نار الغضب بقولها وتادب بادب المسارعة بالاعتذار وان كنت غير مخطئ. كم منا حدثت بينه وبين صديقة جدل ومشاحنه على امر من امور الدنيا الفانية، بل ربما على امر لا يعنى كلانا. وينفض السوق على خصومة قد تقصر لساعات وقد تطول لايام وربما شهور، ينفض السوق ويرى كلا الطرفين انه على صواب ولا صواب غير ما يراه. صواب على ماذا ؟ امر تافه من امور الدنيا. ماذا لو قلتها قبل ان ينفض السوق، ماذا لو قلتها وطرقت الحديد وهو متوهج.ماذا تخسر ان قلتها. "اخي انا اسف ... سامحني لم اقصد" اقولها لاني اريد ان نفترق و سلامة صدرك اراها فى ابتسامتك، اقولها لاني أريدك ان تكون المنتصر وانا المغلوب، اقولها حتى لا اًغضب عزيز علي ،اقولها لاننا قد نفترق و لا يرى كل من الاخر الى الابد.



تذوق طعم الاعتذار والاعتراف بالخطا ومن منا لا يخطئ، وقد عرف من ذاق ،فان كلمات الاعتذار تخمد البركان الثائر. "انا اسف" قلها لمن تعرف ومن لا تعرف، ولك اجر حسن الخلق والمسارعه الى الخيرات ،ابتسم وقلها ستجد من امامك لين الجبين ، طيب النفس. "انا اسف" قلتها لأخي الاكبر وانا في العاشرة من عمري فضمني وبكى، قلتها لابني بعد أن نهرته بشدة لضرب اخته ، فقالها لاخته وقالتها له أخته، وتربوا عليها. اخي اعتذر ولا تخجل ، عود لسانك على الاعتزار ، ربي اولادك واهل بيتك على الاعتراف بالخطأ، اعتذر تملك قلوب الناس ، وسع صدرك لمن حولك والتمس لهم الاعذار، خالف هوى نفسك واعتزر، لعل الله يبلغك منازل الابرار. حدثتني زوجتي عن صديقة لها نشأت فى بيت تربى على الاعتذار، وعندما ذهبت لبيت زوجها ، وجدت قاموسه خالى من الاعتذار، وفي أول خلاف بينهما ، بادرت بالاعتذار إلا أنه لم يقبله، وعاودت الاعتذار مرات ومرات، الا أنه أصر على عدم قبوله ولم يكلمها لأيام، وعندما انتهت المحنه، وقبل اعتذارها سألته ، لماذا لم تقبل اعتذاري من البداية ، فقال لها لقد طيبت قلبي باعتذارك أول مرة، ولكني لم اتربى على ذلك، فأردت اسمعها منك مرات ومرات.



ان الحياة لا تخلو من الفتن ، ونفوس الناس واخلاقهم بين اللين والغلظة، ولك ان تتوقع من الناس من لا يقبل اعتذارك وان كنت محقا، اذن فانت لها ، محتسبا الاجر منه سبحانه وتعالى، دع من لا يقبل اعتذارك يعيش فى اوهامه، ويسلم نفسه لما يحويه صدره، فسلامة الصدر هى غاية مبتغاك. "اخي انا اسف ... سامحني لم اقصد" قلتها لزميل لي فلم يقبلها، واصر على القطيعة، ومازلت اتقرب الى الله بالقاء السلام عليه ولا يرد (اسال الله ان يهديه ويشرح صدره).هذه دعوة لنشر ثقافة الاعتذار، والتماس الاعذار،والتأدب بأدب الخلاف. اجعل نفسك نقية سمحة واعتزر واعزر، عسى الله أن يرى من عفوك عن أخيك خيرا، فيعفو عنك. اسال الله ان يغفر لمن اساء الينا واساءنا اليه.